
المقال السابق حداثة البنية وفلسفة الرؤيا في الشعرية العربية
عل كل حال، نعود إلى حيثية النبش عن أسس التحيز الجنسي: حيثية التفسير وحيثية التبرير.هاتان الحيثيتان ليس بينهما اختلاف تضاد وتناف، بل اختلاف تنوع وانقسام، وكل منهما حفيد لصاحبه وعماد له. فإن الفعل البشري قلما يفهم على وجهه الصحيح إلا في وسط منتظم معين، وهذا الوسط يضمن له بالتبرير، ويربت على كتفي من يقوم بتجريمه فيهدّئه.
بل اختلافهم في قطب رحى النسوية –الجنس والنوع الاجتماعي– كان محفزا للحوار حول تأثير الثقافة والمجتمع في مفاهيم الجسد والتجربة وحول مجاري تغير المجتمع إلى ما ينشده النسوية
فهو في سبيل تحديد السلوك المناسب الذي يقمن بكل من الجنسين يرحب بتفرقة ممقوتة باعثة على التحيز ضد المرأة. فالقصد هنا أن الجانب التفسيري لابد أن يضم إلى نفسه الجانب التبريري الذي يمثله الإطار أوالنظام أو الوسط الذي تظهر فيه الظاهرة، والذي يحدد لكل من الجنسين دورا، ويحله مكانة، لايرضاها أنصار النسوية.
لكن قلعة الفلسفة الغربية/ الذكورية لم تسقط بعد، وسيتعين على النساء ورفاقهن الرجال التقدميين الاستمرار بالضغط بمختلف الوسائل لتحرير أقدم العلوم الإنسانية من ربقة البطريركيات العتيقة التي لم تفسد للنساء قضية فحسب، بل وأوقعت الفلسفة ذاتها في تناقض تام مع ماهيتها فكراً للتحرر من الأوهام ومساءلة الأوضاع القائمة والمعارف الحالية.
استخدامُك هذا الموقع هو موافقةٌ على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية. ويكيبيديا ® هي علامة تجارية مسجلة لمؤسسة ويكيميديا، وهي منظمة غير ربحية.
أولها هو معنى كون الإنسان مضطهدا على أساس أنه امرأة. أهو أن من أساليب الاضطهاد ما يخصها؟ أم هو أن منحى معينا من ممارسة الاضطهاد يصيره كذلك؟ ثم هل يستقيم أن نرخي عنان التحديد لأكثر من حد من غير أن نجعل المفهوم مطاطا، ينسحب على كل شيء، ولايعني أي شيء، فيذهب سدى؟.
فعلى الدارس النسوي أن يتفطن لأساس هذا المرأة والفلسفة النظام عند تحليله النسوي. فلا تتمتع ليلى بما يتمع به زميلها قيس لأن النظام الذي هما فيه يبرر مكيالين للاجرة: مكيالا للذكر وآخر للأنثى. فهذا التمييز يبدو مبررا في نطاق ذلك النظام.
بعض هذه الآراء ساهمت في ترسيخ التمييز ضد المرأة، بينما كان لبعض الفلاسفة تأثير إيجابي في الدفاع عن حقوقها والمساواة بين الجنسين.
بالإضافة إلى ذلك لاحظنا أن التحيز الجنسي لايقتصر على المرأة بل يشمل الرجل كذلك.
الفلسفة كانت دائمًا مجالًا يسيطر عليه الرجال. لكن، هناك نساء عديدة ساهمت بشكل كبير في الفكر الفلسفي.
فيضم بعضهم صوته إلى أنصار النسوية في معاييرهم للتعامل مع المرأة، ولكنه ينشق عنه في وصف حالها، ويرى أنها على ما يرام، ثم بعضهم يرى تلك المعايير نفسها مختلة، وأن المنظور النسوي السياسي معوج.
لقد اعتادت الرواية الفلسفية التقليدية أن تعلن أنها محايدة، لاتتحيز (وقد يستثنى من ذلك الذرائعية، ومابعد البنيوية وجوانب من الظاهراتية) ولكن الفلاسفة الذين يدينون بالنزعة النسوية بدأوا يظهرون أن هذه الدعوى غير مطابقة للواقع ونفس الأمر فبدأوا يدخلون في المجالات الفلسفية التقليدية تغييرات جذرية ويجددونها، كما يظهر مما تحوي هذه الموسوعة من مقالات متنوعة خصصت لدراسة هذه التغييرات والتجديد في المجالات. فالفلسفة على مر التاريخ ادعت أن المعيار ما لايخص طبقة دون أخرى، ولاجنسا دون آخر، بل لابد أن يكون عاما شاملا. فالنتيجة أن ما يخص الأنثى لايصلح أن يعد معيارا في المجتمع. ولكن النشاط النسوي كشف النقاب عن جوَف هذه الدعوى، وأبدى أن هذا من باب جعجعة بغير طحن. فما ادعي على مر التاريخ في الفلسفة أنه محايد جنسا، فهو في الحقيقة مسبوك في مسبك ذكوري. فأنصار النسوية الذين يعملون في مجال الفلسفة البيئية أثبتوا أن الأساليب المتبعة في المجتمع في الحقيقة تهضم حقوق النسوة والأطفال وطبقة غير البيض.
إذا أبحرت في قائمة المقالات المنخرطة إلى سلك النسوية في هذه الموسوعة، تجد عددا، عرضت أحدث ما في جعبة النسويين من البحث في مجال، وألقت الضوء على الجوانب التي للنسوية بها اهتمام خاص واعتناء بالغ. ودونك أسماء تلك المقالات مع روابطها: